محمد أحمد كيلاني
لم يكن أدولف هتلر ديكتاتوريًا أو زعيم للحزب النازي، والمسؤول الأكبر عن الهولوكوست وآفة الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية فحسب، بل كان أيضًا مسؤول عن بعضًا من أكبر الجرائم في تاريخ البشرية، ولكن هل تصدق أن هذا الرجل المولع بالحروب، كان في بداية حياته رسامًا؟! لعل البعض يعلم ذلك، والبعض الآخر أن لم يكُن يعلم، سيندهش بكل تأكيد من أن الزعيم النازي هتلر كان رسام.
فقد حاول هتلر خلال شبابه أن يكسب رزقه من بيع لوحاته، وقد وصل إنتاجه إلى مئات الأعمال، لكنه لم يكن ناجحًا للغاية في هذا المجال، ومع ذلك، تم العثور على بعضًا من أعماله بعد الحرب العالمية الثانية، وقد بيعت بالفعل تلك اللوحات في مزاد مقابل عشرات الآلاف من الدولارات، وبالطبع لم يكُن الدافع الأول للمشترين هو الفن الموجود في الأعمال، بل لأن اللوحات إرث لاعنف رجل في التاريخ الحديث.
بداية هتلر الرسام
لطالما كان التطلع إلى أن تكون فنانًا محترفًا هدفًا صعبًا عبر التاريخ، ولم يتمكن هتلر حتى من الالتحاق “بأكاديمية فيينا للفنون الجميلة”، وذلك بسبب درجاته السيئة ونقص موهبته.
وبالنسبة للبعض، كما ذكرنا، قد يجدون أنه من الصعب تخيل أدولف العنيد والمغامرة الذي حارب من أجل حلمه، كما كان يزعم، في أنه كان فنانًا يبيع اللوحات والبطاقات البريدية لعدة سنوات في فيينا، ومن المثير للاهتمام أنه أكتشف لاحقًا أن معظم مشتريها كانوا يهودًا.
كيف أصبح هتلر رسامًا
في المرة الأولى تم رفضه من قبل الأكاديمية في عام 1907، وذلك بسبب نقص بعض العناصر التقنية في عمله، وحاول هتلر مرة أخرى في العام التالي، لكنه حصل على نفس الإجابة.
وقد لاحظ النُقاد المُتخصصين، ضَعف إنجازاته الفنية، فمثلاً، لم يكن جيدًا في رسم الأشخاص بأسلوب طبيعي، وربما لهذا السبب ركز إنتاج هتلر على الألوان المائية التي رسم بها المناظر الطبيعية والمباني والمشاهد اليومية فقط.
وبمرور الوقت، يمكنك رؤية التغيير في الأسلوب من الرومانسية إلى الانطباعية، وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك العديد من الدراسات التي يتعين إجراؤها على لوحات هتلر، إلا أننا يمكننا الإشارة إلى أنه بعد أن خاض الحرب العالمية الأولى كجندي، بدأت أعماله تظهر أكثر قتامة وأكثر فوضوية.
من أشترى لوحات هتلر
في فبراير 2019، ظهر ضجة في دار مزادات “فايدلر” (Weidler)، مما اضطر “كاثرين فايدلر” مديرة الدار، لقراءة بيان أوضحت فيه للجمهور أن المنزل نأى بنفسه عن أي مسؤولية أخلاقية عن الشيء الذي سيطرحه في المزاد.
وبدأ المزاد بأول لوحة وهي “لقرية وبحيرة بجوار الجبال”، وكانت لوحة مائية بدون أي شيء لافت للنظر لولا التوقيع في أسفل اللوحة، وبدأ المزاد بمبلغ 45 ألف يورو، والغريب أنه لم يرفع أحد يده.
فبالإضافة إلى المسألة الأخلاقية المتمثلة في شراء أعمال فنية متواضعة، فقط لأن دكتاتور الإبادة الجماعية رسمها، فهناك أيضًا مسألة التحقق مما إذا كان هتلر قد رسم تلك اللوحات بالفعل.
فقد تم تصنيع العديد من اللوحات المزيفة واعتمادها أصلية، بحيث لا يعرف أحد كيف تبدو لوحات هتلر الحقيقية، ونظرًا لعدم وجود قيمة فنية لتلك اللوحات، فهناك عدد قليل من المثمنين المحترفين المستعدين لدراستها “.
فشل مزاد فايدلر لبيع لوحات هتلر الرسام
وبتلك الأوضاع والحسابات، فَشل المزاد، وبعد ذلك دخل رجل إلى غرفة “كاثرين فايدلر” وسألها عما إذا كانت أعمال هتلر لا تزال معروضة للبيع، وبعد بضعة أيام، تم التأكيد على بيع لوحة “القرية والبحيرة” بمبلغ 30 ألف يورو لمشتري خاص ومجهول.
يُذكر أن جيش الولايات المتحدة قد صادر بعض لوحات هتلر في نهاية الحرب العالمية الثانية، وما زالت حتى يومنا هذا مخفية، حيث ترفض الحكومة الأمريكية عرضها.
ومع ذلك، وتحديدًا في عام 2009، بيعت 15 لوحة لهتلر بحوالي 120 ألف دولار، وبيعت قطعة أخرى مقابل 100 ألف يورو، وبعد سنوات قليلة بيعت إحدى اللوحات باكثر من 42 ألف دولار، في مزاد بسلوفاكيا.
لقد كان الزعيم النازي فنانًا محبطًا، ورسام متوسط المستوى، لديه أعمال بيعت بمئات الآلاف من الدولارات، ولكن ما لا يدع مجالًا للشك أيضًا هو أن أدولف هتلر دخل التاريخ ويداه ملطخة بالدماء أكثر من الطلاء.
أقرأ أيضاً..“لي ميلر” المُراسلة الحربية التي غَفت على فراش هتلر