مصطفى غازي
القهوةُ هي المشروبٌ السحريٌّ الذي تعددت الأذواق في تناوله، واتفقت الآراء على أهميته وفوائده، وهذا المشروب السحريُّ المحبوب له رحلةٌ عبر التاريخ، كما للبُنِّ رحلةٌ عبرَ الجغرافيا، يكمن سر القهوة فيهما، وتؤثران على طعمه وشكله ونكهته.
ولكي تحصلَ على الفنجان الذي يعدل مزاجك؛ تعرَّفَ على أصل القهوة ورحلتها عبر الزمان والمكان.
ما هي القهوة؟
معروفٌ أنَّ القهوة تُحضَّرُ من بذور البُن المطحونة بعد تحميصها، ونباتُ البُن يحتاج لنموه إلى مناخٍ خاص، وارتفاع عن سطح البحر، لذلك يُزرَع في إفريقيا والمناطق الاستوائية بالأمريكتين وشبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا.
سر التأثير الساحر
يكمن سرُّ تأثير القهوة المنعش الذي يجعلها مشروبَ الصباح المفضَّل، ورفيقًا مثاليًا أثناء ضغوط العمل وفي أوقات التوتر، وأنسب خيارٍ للضيافة وجلسات السمر، في احتوائها على الكافيين، وهي مادة منبهة تساعد بشكلٍ ساحرٍ على تحسين المزاج وتقوية الذاكرة وتجديد النشاط البدني والذهني.
بعد أن تعرَّفت على القهوة وتأثيرها، حان الوقت لتتابع رحلتَها التاريخية إلى عصرنا، ورحلة البُن من مصادره إلى فنجانك.
السر ف عشق القهوة
اختلفوا الناس إيه هوَّ
ظبط التسوية والغلوة؟
ولّا التحويجة الحلوة ؟
يمكن نكهة بُن وغنوة
ويا الحواديت والحكايات
أصلها كلَّها مزاجات
بس القهوة مادامت كيفك
يبقى تعالى عشان أحكيلك
عن أصل وفصل القهوة
رحلة البُن التاريخية وكيف انتشرت القهوة عالميًّا
كان الاعتقاد السائد أن أول من اكتشف الأثر المنشط لحبوب البُن هم سكان إثيوبيا قديمًا، وتحديدًا قبيلة الأورومو، لكنَّ أول دليل موثوق عن تناولها كمشروب، يعود إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي في الدور الصوفية باليمن، جنوبيِّ شبه الجزيرة العربية.
وعليه، فقد بدأت رحلة القهوة نحو العالمية من الحبشة، ومنها انتقلت إلى اليمن ثم إلى مصر وشبه الجزيرة العربية، ومع انتشارها في العالم الإسلامي، وصلت إلى أرمينيا وبلاد فارس وتركيا وشمال إفريقيا وإندونيسيا، ومن ثَمَّ عبرت البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا ومنها إلى بقية أوروبا، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الأمريكتين.
أصل التسمية
هناك تصورٌ بأن اسم القهوة مشتقٌ من كلمة “قوة” استنادًا لتأثير المشروب المنشط، ومن الواضح سذاجة هذا الربط.
أما الاحتمال الأقوى فهو أن كلمة قهوة هي كلمة عربية أصيلة مشتقّة من الفعل “قها” بمعنى شبع وزهد في الطعام، وكان هذا الاسم يُطلق على الخمر نظرًا لتأثيرها المشابه، ومن هنا، تحوّر الاسم في اللغة العثمانية إلى “Kahva”، ومنها إلى “coffee” في الإنجليزية.
وهناك احتمالٌ آخر أن أصل الكلمة يعود إلى “كافا”، وهو اسم المملكة الحبشية التي يُعتقد أن القهوة نشأت فيها في القرون الوسطى، أو أن تكون الكلمة مشتقة من “قه” والتي تعني اللون الداكن في اللغة السامية القديمة.
أنواع القهوة.. أرابيكا وروبوستا
أرابيكا وروبوستا هما النوعان الأكثر انتشارًا، والأرابيكا أو القهوة العربية هي المفضلة، بينما تُعتبر الروبوستا بديلًا أرخص، رغم أنها تحتوي على نسبة أعلى من الكافيين تصل إلى 50% أكثر من الأرابيكا، لأنها تميل إلى المرارة.
كيف تختار مصدر البُن؟
نظرًا لأن للبُن مزاجه الخاص في النمو، فإنه يتأثر في مستوى نكهته وجودته بظروف زراعته، هذا ما أدَّى إلى وجود “التيروا” وهو مصطلحٌ فرنسيٌّ يعبِّر عن العناصر التي تؤثر في مستوى جودة البُن، وهي: المناخ، التربة، والأمطار.
تؤثر هذه العناصر الثلاثة على حبوب البُن الخضراء ويمتدُّ تأثيرها لما بعد التحميص والطحن، لتشكّل فارقًا في النتيجة النهائية لفنجان القهوة من حيث القوام والمذاق والنكهة واللون.
ومن المهم أن تعرفَ مصدرَ البُن، لتختارَ ما يناسب قهوتَك المفضلة، وبحسب معيار التيروا يأتي ترتيب مصادر البُن في العالم من الأجود للأقل جودة كالآتي:
البُن الكولومبي.. الطعم المتوازن
- تتميز كولومبيا بارتفاع كبير عن مستوى البحر، وتُعتبر مزارع البُن الكولومبية الأكثر التزامًا بمعايير الجودة، ويتميز البُن الكولومبي بتوازن بين الطعم الحامض والحلو، وله رائحة منعشة، كما تتعدد نكهاته وألوانه وقوامه بفضل عمليات المعالجة والتجفيف المتنوعة التي يحترفها الكولومبيون.
البُن البرازيلي.. قهوة الجميع
- البرازيل هي أكبر منتج للبُن في العالم، ويختار مزارعو البُن هناك المناطق الأكثر جفافًا للحفاظ على نكهة البُن البرازيلي المميزة، ويتميز البُن البرازيلي بمستوى حموضة متوسط، مما يجعله مناسبًا لقطاع عريض من هواة القهوة على اختلاف أذواقهم.
البُن الإثيوبي.. الطعم الأصلي اللذيذ
- إذا أردت تذوق طعم القهوة الأصيل، فإن إثيوبيا هي مسقط رأسها العربي حرفيًا، ويمكن وصف القهوة الإثيوبية بأنها لذيذة المذاق، ويمكن الحصول عليها بعدة نكهات بحسب أنواع الزهور والأعشاب التي تمتزج بنكهة البُن.
البُن الكوستاريكي.. القهوة بالكاكاو
- في كوستاريكا، يُحظر بحكم القانون زراعة البُن الرديء. بالإضافة إلى المناخ الاستوائي والارتفاع الشاهق عن سطح البحر، يتميز البُن الكوستاريكي بتنوع سلالات البذور وتقسيمها على ثمان مناطق، تجمع بينها نكهة حامضية قوية تجعلها الأنسب للوصفات المخبوزة والمخلوطة بالكراميل أو الشوكولاتة.
البُن الهندي.. قهوة حارة
- يزرع مزارعو الهند البُن مع البهارات، مما يكسب البن الهندي طعمًا لاذعًا أو يمكن تسميته بالحار.
لماذا البُن اليمني هو الأغلى ثمنًا؟
للبُن اليمني شهرة واسعة وسمعة طيبة، وتُعد اليمن من المواطن الأصلية للقهوة، وتتشابه الظروف المناخية في اليمن مع البلاد التي يُزرع فيها البُن، غير أن زراعة البُن اليمني وتجهيزه تستغرق وقتًا وجهدًا أكبر، مما يجعل إنتاجه باهظ التكلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يتميز البُن اليمني بمذاق خاص، يُعتقد أن السبب في ذلك هو الخلطة التي تمتزج بنكهة البُن اليمني، والتي تشمل الهيل، وجوزة الطيب، والقرنفل، والزنجبيل، وبعض النباتات العطرية، وفق نسب وأساليب يعرفها فقط أصحاب الخبرة.
أقرأ أيضاً.. برج القاهرة”.. تحفة معمارية تزين سماء العاصمة وتحتضن الهوية المصرية