إيمان يحي
الحضارة العربية الإسلامية هى حضارة أساسها الفكر الإسلامي، فهي التي انتشرت فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وامتدت من القرن الثامن حتى القرن الخامس عشر الميلادي.
وكانت الحضارة الإسلامية سببًا في ازدهار أغلب المجالات، وذلك بسبب تقدمها علميًا وثقافيًا وفكريًا بسبب تغيير الإسلام لفكر الناس وقتها.
العرب قبل الحضارة الإسلامية
عندما تأتي سيرة العرب والمسلمين دائمًا على لسان البعض، يتبادر لذهنهم أن العرب هم جهلاء وهمج وإرهابيون، لكن كان ذلك من الماضي، وكما تواجد السيء يوجد الجيد والعظيم، ومن المعروف أن سبب جهل العرب قديمًا كان نظامهم القبلى، وعدم صبرهم على الثأر وشدتهم وبأسهم.
فقد كان لدى العرب عادات فى الزواج خاطئة، مثل زواج الابن بإمرأة أبيه بعد وفاته، أو عدم الزواج بالمطلقة حتى بعد انقضاء عدتها، والعديد من العادات والتقاليد الأخرى الخاطئة التى صححها الإسلام.
وكانت كلمة الحاكم كالشرع ولا يمكن مخالفتها، حيث كان الحاكم بالنسبة لهم شخص عفيف صادق كل ما يقوله حق، فكان يأتمر على حياتهم.
العرب بعد الحضارة الإسلامية
العرب بعدما كانوا كالكأس المملوء بالماء الأسود الفاسد، أتى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) ليسكب الماء الطاهر النظيف حتى يبيض الماء كله، فكان الرسول محمد كالنور الذى ظهر فجأة بين الظلام، لينقذ العرب وقتها من الظلمات إلى النور، ويوحدهم ويصبحوا شعبًا واحدًا، ويدًا واحدةً كما قال تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
وتبدل حال العرب بعد انتشار الفكر الإسلامي من قوم ضالين إلى حضارة وشعب يكتسح الشام والروم وأعظم البلاد، نُصر الضعيف بعدما كان من لا قبيلة له يُعَذب، بعدما كان يُعَذب المسلم ليردوه عن دينه، وبدأوا فى ترك بصماتهم فى شتى حقول العلم الذي مازال يتم الإستدلال به حتى الآن.
العلوم الطبية فى الإسلام
برع المسلمون فى مجال الطب، حيث كان المسلمون أول من طوروا نظام طبي يعتمد على التحليل العلمي، ومن أكثر الأطباء أثرًا أبي بكر الرازي، وابن سينا، وعلى بن عيسى الكحال، وأبوقاسم الزهاوي.
وقد ألف أبي بكر الرازى كتاب “الحاوي” الذي ضم فيه كل المعارف الطبية منذ الإغريق حتى عام 925 ميلاديًا، وعلى بن عيسى الكحال الذي يعد أعظم طبيب عيون عرفته القرون الوسطى، وألف كتاب “تذكرة الكحالين”، وأبو قاسم الزهراوي أعظم جراح فى التاريخ الذى اخترع أول أدوات الجراحة، ووضع الأسس والقوانين للجراحة، وألف كتاب “التصريف لمن عجز عن التأليف”، والذى يعتبر موسوعة طبية متكاملة.
أوائل من علّموا علم البصريات
من منا لم يسمع بابن الهيثم الذي كان من أوائل من تطرقوا فى علم البصريات، حيث توصل لمعرفة كيفية الإبصار، وغير مفهوم الإبصار الخاطئ الذى كان منتشرًا في ذلك الوقت، كما قام بوضع مبادئ صنع الكاميرا بناءً على حدوث عملية الإبصار، وشرّح العين تشريحًا كاملًا، ودرس انكسار الضوء والمرايا والعدسات، وألف كتاب “المناظر”.
العلوم الفيزيائية على في عصر الحضارة الإسلامية
بالرغم من أن ابن سينا كان طبيبًا، إلا أنه أيضًا كان عالمًا وله أثرًا كبير فى مجال علم الميكانيكا، حيث قسم القوى وحدد أنواعها إلي ثلاثة أنواع، واخترع آلة لقياس الطول بدقة، كما ألف كتاب “الشفاء” في علم الفلسفة، وكتاب “مختصر إقليدس” في الرياضيات.
وأبو الريحان البيروني الذي ساهم بشكل كبير فى علم الفيزياء، حيث قدم المنهج العلمي التجريبي، وأسس علوم الهيدروديناميك والذي يعتبر فرع من ميكانيكا الموائع.
وأيضًا عبدالرحمن الخازني الذي قام بعمل مهم فى الفيزياء، وألف كتابًا فى الفيزياء يسمى “ميزان الحكمة”، الذي شرح فيه أهم المصطلحات الفيزيائية وطريقة تركيب الآلات الفيزيائية التى صنعها العلماء من قبله، وهو أول من استخدم مصطلح “الثقل” المعروف الآن بالجاذبية.
المسلمون وبراعتهم فى الجغرافيا
كان العالم أبو على المراكشي أول من وضع خطوط الطول وخطوط العرض، ليستدل المسلمون على مواقيت الصلاة.
ويعتبر الإدريسي من أعظم الجغرافيين حيث رسم أعظم الخرائط لوصف الأرض، ورغم أن البعض عاب على أن الخريطة تعتبر مقلوبة، إلا أن هناك من فسر سبب قلبها هو عدم رغبة الإدريسى في وضع العالم الإسلامي أسفل العالم النصراني.
أول من أسس علم الكيمياء
فشل الغرب فى محاولات لا تحصى لتحويل المعادن الرديئة إلى ذهب وفضة، ولكن جابر ابن حيان أسس المنهج العلمي الدقيق، واستدل بالتجربة والعقل والحس معًا للوصول للحقائق العلمية حتى نتج علم الكيمياء على يده، حتى أن علم الكيمياء أطلق عليه لفترة من الزمن “صنعة جابر”، وكان المسلمين أول من وضعوا خطوات صنع العقاقير من علم الكيمياء.
قطرة من بحر
ويعتبر كل ما ذكرناه سابقًا فقط بعض قطرات من بحر علم المسلمين الذي مازال الغرب يستدل به فى دراساتهم، ويدرسون كتب أولئك المسلمين لطلابهم، حيث كانت الحضارة الإسلامية ممحاةً لأخطاء علماء الماضى وطريقًا منيرًا للعلماء من بعدهم.
أقرأ أيضاً.. محمد متولي الشعراوي.. سيرة إمام الدعاة