بقلم/ محمد جمعة سلامة
معظمنا يعرف ويحفظ أحداث الهجرة المباركة إلاّ أنني أودُّ أن أذكّر القارئ الكريم بالشخص الأعظم من بين أبطال وأحداث الهجرة بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وما كان ذلك على لساني “إنما هو قول الفاروق “عمر بن الخطاب، صاحب النبي” -رضي الله عنه -والذي قال له” ياخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
إنّه” أبوبكر الصّدّيق” صاحب النبي ورفيق هجرته وصهره، والذي تحدّى كل معوقات الأرض لينحت عليها مكانه بجوار حبيبه وصاحبه ونبيه صلى الله عليه وسلم
فقد آمن به حينما كفر به الناس، وصدّقه عندما كذّبه الناس، ودافع عنه حين خذله الناس، فكان نعم الحبيب ونعم الصديق، واستحقّ عن جدارة أن يُلقب ب” الصدّيق” رضي الله عنه.
ولم يكن رضي الله عنه في حاجة لنسب ولا صيت ولا مال، فهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي صاحب النسب الكريم، وهو نسّاب قومه ولا أبالغ إن قلت “نسّاب العرب ” فى ذلك الوقت والذي كان يتردد عليه قومه وغيرهم لمعرفة أصولهم وأنسابهم، وكان رضي الله عنه من أغنياء قومه ومن رؤسائهم وأهل مشاورتهم، وكان يتولي الديّات والمغارم وغيرها من المهام التي كان يقوم عليها سادة القبائل والأعلى منزلة بين الناس في ذلك الوقت.
أيّ أنّه لم يكن في حاجة لما حدث له بعد إسلامه من أذي وتعذيب وفقدان المكانة على يد المشركين في ذلك الوقت، لكنه الإيمان ورسوخ العقيدة والاقتناع بالصديق هو الذي جعله راضيًا ومُضحّيًا ومتحمّلًا وصابرًا، فقد كانت نشأته الطيبة وصداقته للنّبي قبل الإسلام والذى كان يكبره بأكثر من عامين ، وصفاته الجميلة التى كنت تشبه صفات المصطفى- صلى الله عليه” ؛ فكان رضي الله عنه عفيفاً لا يشرب الخمر ولا يسجد لصنم ولا يأكل الرّبا وغيرها من الصفات المشتركة بينهما وذلك ماسهّل له الدخول في الإسلام مباشرة بلاتردد أو تفكير فكان أوّل من آمن من الرّجال .
وقد جهر بإسلامه رضي الله عنه بكل شجاعة أمام قريش كلها وكان مع النبي خطوة بخطوة فى نشر الدعوة فلم يَسلم -رضي الله عنه- من أذى قريش رغم أنه كما ذكرت كان من ساداتهم وأشرافهم، إلاّ أنهم لم يراعوا ذلك فقد كانوا يلقون بالتراب على رأسه، ويضربونه بالنعال عند الكعبة فتحمّل ورضي وصبر على ماكتبه الله عليه.
وقد أسلم على يديه أعلام من الصحابة والمبشرين بالجنة رضوان الله عليهم، ومن أبرزهم عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح، وغيرهم ،
وقد سخّر نفسه وماله وأولاده فى خدمة الإسلام وجعلهم جميعا فداءا لصاحبه صلى الله عليه وسلم
فقد قال صلى الله عليه وسلم “ما نفعني مال قط مانفعنى مال أبي بكر “
فقد أعطى كل مايملك من مال لصاحبه ولم يترك لأهله شئ ، وكان يفتدي من أسلم من العبيد ممن يتملّكونهم ويعذّبونهم وذلك ابتغاء مرضات الله ورسوله وكان على رأسهم “بلال بن رباح ” رضي الله عنه
وقد صاحب الصدّيقُ – رضي الله عنه – النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- منذ أن أسلم حتى توفي” فكان رضي الله عنه رفيق هجرته ورفيق غزواته ورفيقه في الدعوة ورفيقه في تحمُّل الأذى ،وفوق كل ذلك زوّجه” عائشة” رضي الله عنها لتكون رفيقة عمره ،
فكان جزاء صاحب النبي رضي الله عنه الفوز بخير الدنيا وهو رفقة وحبّ ونسب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتشريف الله له بذكره فى القرآن فى أكثر من موضع منها قوله تعالى ” إلاّ تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا “.
والبُشرى بالجنة والنّجاة من النار فى الآخرة مصداقاً لقوله تعالى ” وسيُجنّبها الأتقى الذي يؤتِي ماله يتزكّى . وما لأحدٍ عندهُ من نعمةٍ تُجزى .إلاّ ابتغاءَ وجهِ ربّهِ الأعلى . ولسوفَ يرضَى “.
أقرأ أيضاً.. رابعة العدوية … شاعرة المحبة الإلهية الزاهدة المتصوفة …إمامة العاشقين والمحزونين
تعليق واحد