
في يوم العاشر من شهر محرّم، يطل علينا واحد من أعظم الأيام التي خصّها الله بفضل كبير، وهو يوم عاشوراء، اليوم الذي نجّى الله فيه نبيّه موسى من فرعون، فصامه النبي محمد ﷺ شكرًا لله، وقال: “أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله”، ومع هذا الفضل العظيم، يتضاعف فيه الأجر والثواب، ويُفتح فيه باب الدعاء على مصراعيه، ليكون دعاء عاشوراء من أعظم ما يمكن أن يلهج به اللسان ويخشع له القلب.
فضل اليوم في السنة النبوية
ورد في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: “ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرّى صيام يومٍ فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء”، وهو يوم يُستحب فيه الصيام والدعاء والتوبة، وقد بيّن النبي ﷺ أن صيامه يُكفّر ذنوب سنة ماضية، ما يجعل الدعاء فيه مؤثّرًا ومستجابًا بإذن الله، خاصةً لمن صام هذا اليوم وأخلص فيه.
هل هناك دعاء معين في يوم عاشوراء؟
لم يثبت عن النبي ﷺ دعاءٌ خاصٌ يُقال في عاشوراء، لكن العلماء أكدوا أن هذا اليوم من الأيام المباركة التي يُرجى فيها القبول، لذا يُستحب أن يدعو المسلم بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، ويمكن استحضار نوايا كثيرة عند الدعاء، مثل: طلب المغفرة، التوبة، قضاء الحاجة، شفاء مريض، تفريج كرب، أو الدعاء لأهل البيت والأحباب.
أبرز صيغ دعاء عاشوراء المستحبة
- “اللهم إنك عفوٌ كريم، تحب العفو فاعف عني، اللهم اغفر لي ذنبي، واستر عيبي، وفرّج همّي، واشرح صدري، ويسّر أمري”
- “يا الله، بحق هذا اليوم المبارك، ارزقني توبةً نصوحًا لا أنقضها أبدًا، واغسل قلبي من الذنوب، ونوّر وجهي بنور طاعتك”
- “اللهم اجعل هذا اليوم فاتحة خير وفرج على قلبي، اللهم لا ترد لي دعاء، ولا تخيّب لي رجاء، وارزقني فوق ما أرجو”
- “اللهم اجعلني من المقبولين في يوم عاشوراء، واكتب لي فيه الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، وارزقني حسن الخاتمة”
متى يستحب الدعاء في يوم عاشوراء؟
أفضل أوقات الدعاء في هذا اليوم تشمل ما قبل الإفطار للصائم، وبين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، وعند السجود، فكلها أوقات عظيمة يُرجى فيها استجابة الدعاء، كما يمكن بدء الدعاء من ليلة التاسع (تاسوعاء) وحتى نهاية يوم عاشوراء، فالنبي ﷺ كان يتحرّى هذا اليوم ويستعد له منذ غروب شمس التاسع.
أعمال تعزز من أثر الدعاء
لزيادة روحانية الدعاء في هذا اليوم الفضيل، يُستحب صيام يومي تاسوعاء وعاشوراء، لما ورد في الحديث الشريف: “لئن بقيت إلى قابل، لأصومنّ التاسع”، كما يُفضل الإكثار من الاستغفار، قراءة القرآن، الصلاة على النبي ﷺ، الصدقة، وإصلاح ذات البين، فكلّها أعمال تقوّي صلة العبد بربّه، وتزيد من تقبّل دعائه.
كيف نحيي اليوم بالدعاء والنية؟
اجعل نيتك خالصة لله، وابدأ يومك بصيام عاشوراء، ثم خصّص وقتًا لخلوة قلبية، تجلس فيها بينك وبين ربك، تناجيه كما يناجي العبد الضعيف مولاه القوي، لا تُكثر من الكلام، بل أكثر من الصدق، قل له ما في قلبك، اطلب منه كل ما تتمناه، واطرح بين يديه حزنك وهمّك ورجاءك، فالله قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
باب من نور لمن طرقه بإخلاص
إن الدعاء ليس مجرد كلمات تُردّد، بل هو عبادة قلب، لحظة صفاء بين العبد وربه، تتجاوز حدود اللغة إلى أعماق الروح، إنه رجاءُ الصادقين، وبكاء المذنبين، وأمل من ضاقت به الأرض بما رحبت، فاجعل هذا اليوم موعدًا بينك وبين السماء، لا يراك الله فيه إلا داعيًا تائبًا محبًا، وكن على يقين أن الله لن يردّك خائبًا، فإن دعوة في يوم عاشوراء قد تكون سببًا لتغيير حياتك كلها.
اقرأ أيضًا.. أفضل أدعية ليلة القدر