رُكن مقالات مُستبشر

الأزمات الخفية في الأندية الأوروبية.. “أسباب تدهور عمالقة كرة القدم”

مصطفى خالد

الإدارة الضعيفة التي لم تحقق عددًا كافيًا من التخطيط الصحيح والافكار للمنافسة وحل مشاكلها ستسقط تلقائيًا إلى القاع مهما ملكت من إنجازات وبطولات، فالإدارة هي العامل الأساسي والأول للمساعدة على النجاح ولا يمكن لأي مؤسسة بأي نشاط أن تنجح دون أن تحظى بإدارة جيدة وذكية، وهناك الكثير من الأندية الكبيرة عانت من سوء إدراتها وسنستعرض لكم في هذا الموضوع ابرزه الأزمات في الأندية الأوروبية الكبرى.

ألازمات في الأندية.. نادي برشلونة الإسباني

في عام 2010 تولى ساندرو روسيل رئاسة نادي برشلونة بعد خوان لابورتا، وما كان واضحًا أن تفكيره كان يتناقض تمامًا مع خوان لابورتا، وأراد روسيل ولاحقًا بارتوميو أن يوجه النادي إتجاه جديد يُعطي النادي الأولوية للحوافز المالية عبر صفقات رعاية مربحة تاركًا القضايا الإنسانية والإشتراكية  

تحول برشلونة عن هويته الاشتراكية إلى اتجاه رأسمالي اكثر!

بدأ هذا التحول في عام 2011 عندما قام روسيل بتحويل كلمة (اليونيسف) إلى الجزء الخلفي من قميص برشلونة واستبدالها بمؤسسة قطر، في صفقة رعاية لقميص برشلونة على مدار خمس سنوات بقيمة 150 مليون يورو، وحصل برشلونة على 30 مليون يورو في كل موسم؛ وكانت هذه الصفقة أول صفقة مربحة في تاريخ النادي، وترك روسيل الرئاسة وحكم عليه بالسجن، وتولي رئاسة النادي بارتوميو

وفي هذا السياق فقد ترك روسيل الرئاسة وسُجن بعد فضيحة صفقة نيمار، حيث أنه كُشف عنه فساده الإداري والمضي قدمًا في طريق الفساد والصفقات المشبوهة، ودفع الرشاوي والإكراميات؛ وهذا ماتسبب في إقالته وتعرضه للسجن، وفي شهر يناير عام 2014 تولى بارتوميو رئاسة النادي الكتالوني، وصار على نهج الرئيس السابق روسيل وأراد ان يحول برشلونة إلى نادي خارق بمستقبل اقتصادي قوي.

الأزمات في الأندية.. برشلونة وبناء علامتها التجارية الجديدة

لم يكن بارتوميو مهتمًا بوضع مشروع رياضي قوي، ولم يكن مهتمًا بالمشاريع طويلة الأجل، وكان كل اهتمامه تحويل برشلونة الى قوة مالية خارقة تطمح إلى نجاح سريع، وكان يحلم بارتوميو بتحقيق ” جلاكتيكوس” جديد، وبدأ في التوقيع مع لاعبين من الأندية بأسعار باهظة وكان على استعداد لدفع رواتب ضخمة أيضًا وهذا ما وضع ضغطاً ماليًا أكبر على النادي، ومن وصوله للرئاسة عام 2014 انفق أكثر من مليار دولار على صفقات لم تقدم الكثير للنادي وكان معظمها مستويات مخيبة للآمال.

أكثر نادي تحقيقًا للأرباح في عام واحد

في عام 2019، كان برشلونة أول نادي رياضي في العالم وفي عام واحد على مدار سنوات يحقق دخلاً تعدى المليار دولار ولكن هذا الكم من الأرباح ساعد بارتوميو على الاستمرار في أخطائه ولكن في عام 2020 وبسبب مجيء فيروس كورونا غير من الحسابات بالكامل، والنتيجة هي أن النادي الذي كان يجلب الأموال أكثر من أي نادٍ أخر أصبح يواجه أزمة الديون الطاحنة والتي تسببت في رحيل نجم الفريق ليونيل ميسي!، ووصلت فاتورة الرواتب السنوية للاعبي برشلونة 771 مليون دولار ما يقدر بنسبة 74% من الدخل السنوي للنادي! وما كان يراه بارتوميو هو أنه إذا تمكن النادي من إدخال أكثر من مليار دولار كل عام فما المانع من دفع 700 مليون منها رواتب للاعبين؟ ولكن هذا لم يستمر، وأدى إلى تراكم الديون وسوء الإدارة والقرارات المتخبطة أدى بالنادي إلى هذه المعضلة الحالية!

وسيذكر التاريخ بارتوميو بإعتباره الذي افسد النادي وكان السبب في تدميره من كل الاتجاهات وربما سيعاني برشلونة لسنوات وسنوات حتى يتخطى هذا الدمار!

الأزمات في الأندية الكبرى.. نادي فالنسيا

نادي فالنسيا، أحد أعرق الأندية في إسبانيا، شهد على مر السنوات تقلبات عديدة على الصعيدين الرياضي والإداري، بينما يعتبر النادي من أبرز الفرق في الدوري الإسباني، إلا أنه واجه سلسلة من الأزمات الإدارية التي أثرت بشكل كبير على أدائه واستقراره

ولعلنا نذكركم بأبرز إنجازات فالنسيا المحلية، وهي الفوز بالدوري الإسباني 6 مرات، والكأس 8 مرات، أما بالنسبة لبطولات فالنسيا القارية فقد سبق له التتويج ببطولتي الأتحاد الأوروربي في 2004، والسوبر الأوروبي في 1980 و2004، كما حقق وصافة دوري أبطال أوروبا في عام 2000 و2001 بقيادة هيكتور كوبر حينها.

ولم يستقر نادي فالنسيا من منتصف العقد الأول من الألفية بعد تعاقب عدة إدارات على قيادة الفريق حتى دخل النادي في أزمات مالية عصفت بالنادي،فقد عانى النادي من ديون كبيرة أجبرته على بيع نجومه وتقليل نفقاته، وهذه الأزمة المالية أدت إلى فقدان التوازن داخل النادي وتأثيرها على التخطيط طويل الأمد، وبسبب تظهور الأوضاع الاقتصادية وبناء الملعب الجديد، تم بيع مايفوق ثلثي أسهم الفريق إلى السنغافوري بيتر ليم.

أزمات وقرارات إدارية خاطئة

من أبرز مظاهر الفشل الإداري في فالنسيا هو التغييرات المتكررة في القيادة الفنية، وتعاقب عدد كبير من المدربين على تدريب الفريق خلال فترة قصيرة، مما أدى إلى عدم استقرار فني وفقدان الهوية الكروية للفريق. حيث أن بعد استلام رافائيل بينيتيز لنادي فالنسيا وسُجل بأسمه كأكثر مدرب توج بالبطولات مع الفريق، معادلاً أرقام كلاوديو رانييري الذي قاد الفريق في فترتين مختلفتين، وأيضا المدرب خاسينتو كينكوسيس في الأربعينيات الميلادية. 

وبعد المرحلة الأكثر نجاحًا في تاريخ نادي فالنسيا، بقيادة خايمي أورتي، استلم خوان سولير الإدارة من عام 2004 حتى عام 2008، بدأت الديون تتزايد على النادي وتتغير احوال النادي من منافسة إلى موازنة مالية وبيع نجومه ليقبض عليه لاحقا في عام 2014 لمحاولته تنظيم عملية اختطاف للرئيس الذي تلاه في النادي.

فالنسيا ما بعد رحيل سولير

 الفترة التي تلت رحيل سولير عن إدارة نادي فالنسيا شهدت استمرار المشاكل المالية التي عانى منها النادي، رغم تولي مانويل يورنتي الرئاسة من 2009 حتى 2013. خلال هذه الفترة، قاد المدرب أوناي إيمري الفريق لتحقيق المركز الثالث في الدوري لثلاث سنوات متتالية بفضل نجوم مثل خوان ماتا ودافيد سيلفا ودافيد فيا. 

وبعد رحيل إيمري، جاء المدرب فالفيردي الذي قاد الفريق للمركز الخامس لكنه رفض التجديد بسبب عدم استقرار الإدارة، وتم تعيين المدرب الأرجنتيني بيتزي، الذي حسن من أداء الفريق خلال فترة قصيرة، لكن تمت إقالته بعد استحواذ شركة ميريتون على النادي وتعيين البرتغالي نونو بتوصية من وكيل الأعمال جورجي مينديز، في فترة ليم، وهو المالك الحالي، الذي شهدت أغلب سنواته سوء إدارة وتغيير عدة مدربين، مما أدى إلى تراجع نتائج الفريق.

الأزمات في الأندية.. التأثير على الأداء الرياضي

القرارات الإدارية الخاطئة انعكست بشكل مباشر على أداء الفريق في البطولات، وتراجع ترتيب فالنسيا في الدوري الإسباني، وفشل في المنافسة بجدية على البطولات الكبرى مثل دوري الأبطال الأوروبي، وهذا التراجع أثر سلبًا على سمعة النادي وجعله بعيدًا عن منصات التتويج.

الأزمات في الأندية الإيطالية.. نادي ميلان

يعتبر نادي ميلان من أكثر الأندية نجاحا وذو تاريخ كبير في كرة القدم، تاريخ نادي يُدرس في عالم كرة القدم العالمية، النادي الذي إستطاع الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا بدون اي هزيمة في عامة 1988 بتحقيق 5 انتصارات و4 تعادلات، ونجح نادي ميلان في تكرار هذا الإنجاز في عام 1994 عندما نجح بالفوز ب7 مباريات وتعادل في 5 دون أن يتعرض لأي هزيمة،  وفاز نادي ميلان بعدة ألقاب في الدوري الإيطالي ودوري أبطال أوروبا، كانت فترة الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي والفترة الأولى من الألفية الجديدة هي الأكثر نجاحاً تحت قيادة أمثال أريغو ساكي وفابيو كابيلو وكارلو أنشيلوتي ولكن في العقد الأخير شهد النادي فترة من التراجع والسقوط 

سقوط نادي ميلان

بعد عام 2007 بدأ النادي بالسقوط وخصوصًا مع ارتباط اسمه بفضيحة “كالتشيوبولي” حيث خصم من الفريق 8 نقاط في موسم 2006-2007، وبعد فوز الميلان بلقب الدوري عام 2010-2011 تحت قيادة المدرب ماسيميليانو ألغيري؛ دخل الفريق بعدها نفقاً مظلماً لم يخرج منه، عمل النادي على التعاقد مع بعض من نجومه السابقين لتولي قيادة الفريق لإعادة الروح للفريق والتشجيع على العودة ولكن كل تلك التجارب فشلت إضافة الى غياب الصفقات الكبيرة ودخول النادي في ازمة مالية.

أسباب سقوط نادي ميلان

– تعرض نادي ميلان للكثير من الفساد من قبل رئيسه، ماتسبب برفع دعوى قضائية بتهمة التهرب الضريبي خاصة ببيرلسكوني عام 2013، ترتب عليها دعوى قضائية بقيمة 560 مليون يورو ضد كبار مستثمري النادي، نتج عن ذلك أن الاستقرار المالي للفريق شيئاً مستحيل.

– باع نادي ميلان نجوم فريقه امثال ابراهيموفيتش وتياغو سيلفا إلى باريس سان جيرمان في مرحلة صعبة جدا للفريق عنوانها الفساد الإداري مع خزائن مالية فارغة.

– تورط بيرلسكوني في علاقات نسائية كثيرة وأصبحت قضاياه رأي عام خاصة بعد علاقته مع الوزيرة الإيطالية ” مارا كارفانيا” وهذا بجانب قرار دخول بيرلسكوني الانتخابات العامة الإيطالية.

– قرار من نادي ميلان ببيع “ليوناردو” واحد من اهم الكشافين في أوروبا.

شراء المستثمر الصيني لنادي ميلان وزيادة المشاكل

قرر بيرلسكوني بيع نادي ميلان بعد أربعة سنوات من التخبط وذلك بمقابل 740 مليون يورو لمستثمر صيني، انفق المستثمر الصيني 200 مليون يورو في أول سوق الانتقالات، ولكن تسبب هذا في سقوط النادي من جديد بديونه لصالح شركة “إليوت” الأمريكية بعد أن اتقرض المستثمر الصيني 300 مليون يورو وفشل في رد هذا المبلغ لتستولي الشركة الأمريكية على نادي ميلان

وفي عام 2017 تعاقد نادي ميلان الإيطالي مع 11 لاعباً دفعة واحدة، لكن الفريق فشل في التأهل الى دوري أبطال أوروبا وازداد الوضع سوءًا، أصبح ميلان لا يحقق ارباحًا صافية، وارتفعت خسائره بنسبة 16% لتصل إلى 146 مليون يورو، وكان لغياب للنادي عن كرة القدم الأوروبية تأثير على التجارة والجهات الراعية، حيث نخفض الدخل من الرعاة بمقدار 6.7 مليون يورو وانخفضت مبيعات التذاكر بمقدار 1.2 مليون يورو

قرارات فنية خاطئة

تم إتخاذ العديد من القرارت الفنية الخاطئة، بما في ذلك تعيين مدربين غير مناسبين للفريق والتعاقد مع لاعبين غير مناسبين أو مبالغ في أسعارهم، هذه القرارات أثرت على أداء الفريق في الملعب وعلى نتائجه في البطولات المختلفة

عودة بيرلسكوني ومحاولات الإصلاح

في عام 2018، عاد بيرلسكوني لمحاولة إنقاذ النادي، إلا أن المشاكل كانت أعمق من مجرد تغيير إداري، وكانت هناك محاولات لإعادة بناء الفريق وجلب لاعبين شباب، لكن النتائج لم تكن كما هو مأمول، وظل الفريق بعيدا عن المنافسة على البطولات الكبرى.

تبقى قصة سقوط نادي ميلان الإيطالي تسلط الضوء على أهمية الإدارة السليمة والتخطيط المستدام في عالم كرة القدم، على الرغم من التحديات الكبيرة، يبقى تاريخ ميلان العريق مصدر أمل في استعادة مجده والعودة إلى القمة.

الأزمات في الأندية.. نادي اتليتكو مدريد الإسباني

اتليتكو مدريد من اكبر الفرق في الدوري الإسباني والعالم، حيث فاز اتليتكو بالعديد من البطولات الأوروبية والمحلية وله تاريخ كبير في سجل كرة القدم، من البطولات الأوروبية لدى اتليتكو مدريد، الفوز بكأس الكؤوس الأوروبية عام 1962، وكان وصيف بطل دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات أعوام 1974 و2014 و2016، كما فاز فاز ثلاث مرات بثنائية الدوري الأوروبي وكأس السوبر الأوروبية أعوام 2010 و2012 و2018، وبالنسبة للبطولات المحلية فاز اتليتكو مدريد بالدوري الأسباني (11)، كأس الملك (10)، كأس السوبر الإسباني (2)، كأس إيفا دوارتي (1).

الأزمات في الأندية.. هبوط نادي اتليتكو مدريد للدرجة الثانية 

في موسم 1999_2000 شهد نادي اتليتكو مدريد هبوطاً مفاجئاً الى الدرجة الثانية، هذا الهبوط كان نتيجة لمجموعة من العوامل المتداخلة التي اثرت على أداء الفريق في ذلك الموسم 

أسباب هبوط اتليتكو مدريد

أداء الفريق السيء في ارضية الملعب:

 لم يستطيع الفريق تحقيق المستوى الكافي لتحقيق نقطة إيجابية تدفعه للتقدم في ترتيب الليجا الإسبانية، انهى اللاعبين الموسم بأداء سيء لا يليق بفريق بحجم فريق اتليتكو مدريد، وبسبب الأداء المخيب للأمال انهى الفريق موسمه في الدوري في الترتيب التاسع عشر 

النغيير المستمر في المدير الفني:

تغير المدربين الكثير خلال موسم واحد، لا يمكن تقديم أداء قوي وتحقيق بطولات لنادي يتغير فيه المدرب عدة مرات في الموسم، نادي اتليتكو مدريد لم يعطي الفرصة للمدرب الجديد بعض الوقت في دراسة الفريق بشكل جيد وتحليله واختيار إستراتيجية لعب ثابتة وإيجاد تشكيل مستمر، بل كان كثير التغير في المدربين خلال الموسم الواحد فقط، وبهذا أدى إلى تراجع مستوى الفريق وهبوطه للدرجة الثانية

أزمات إدارية ومالية

وصلت فاتورة ضرائب النادي في عام 2000 إلى 46 مليون يورو، والمشكلة الإدارة لم تفكر في دفع اي مبالغ لهذه الضرائب المستحقة، بالإضافة للمشاكل الإدارية الكبيرة، الإدارة كانت غير مستقرة، وكان هناك العديد من النزاعات الداخلية والخلافات بين اعضاء مجلس الإدارة، بالإضافة للديون المالية الكبيرة التي كانت على النادي اثرت على قدرته على التعاقد مع جدد او الاحتفاظ باللاعبين الحاليين، اضطر النادي ببيع اللاعبين الأساسيين لسداد الديون المتراكمة، وهذا أثر بشكل كبير على قوة الفريق وأدى إلى ضعف التشكيلة الأساسية.

بالإضافة لنقص البدائل المناسبة لهؤلاء اللاعبين جعل الفريق أقل تنافسية في الدوري، مما أدى إلى تراجع الأداء والنتائج

اجتمعت كل هذه العوامل لتؤدي إلى هبوط أتلتيكو مدريد إلى دوري الدرجة الثانية في موسم 1999-2000. ورغم هذا الهبوط المؤلم، نجح النادي في العودة سريعًا إلى دوري الدرجة الأولى في الموسم التالي، بعد تحقيق بطولة دوري الدرجة الثانية.

إدارات الأندية الضعيفة على المستوى القيادي والرياضي، تُعيق تحقيق النجاح الرياضي وتؤدي إلى تراجع مستوى الفرق وفقدان ثقة الجماهير، ويجب أن تسعى الأندية لاختيار إدارات ذو كفاءة عالية وذات رؤية لتحقيق التطور المستدام والنجاح المستقبلي ولتجنب تلك الأزمات في الأندية.

أقرأ أيضاً.. أذكى رجل في التاريخ.. تحدث 40 لغة واجتاز مرحلة دراسية في ثلاثة أيام!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *