
أصدر المحقّق العدلي في بيروت قرارًا يقضي بإخلاءِ سبيل هنيبعل القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذّافي، مقابل كفالةٍ ماليّة ضخمة بلغت 11 مليون دولار، مع منعه من السّفر مؤقّتًا خارج الأراضي اللبنانيّة، وهو ما أثار حالة واسعة من الجدل داخل الأوساط السياسيّة والإعلاميّة، ويُعدّ القرار تطوّرًا مفاجئًا في واحدة من أطول القضايا القضائيّة التي شهدها لبنان منذ سنوات.
محامي هنيبعل القذافي يصف الكفالة بالخياليّة
قال المحامي شربل الخوري، وكيل هنيبعل القذّافي، إنّ فريق الدفاع سيتقدّم بطلب لإلغاء الكفالة الماليّة التي وصفها بأنها «تعجيزيّة» ويستحيل تنفيذها، موضحًا أنّ موكّله لا يملك القدرة على تسديد هذا المبلغ الضخم، أنّ القرار رغم إيجابيّته من حيث المبدأ، إلّا أنّه يضع القذّافي أمام عائقٍ ماليّ كبير قد يؤخّر الإفراج الفعلي عنه.
سنوات طويلة من الاحتجاز دون محاكمة
هنيبعل القذّافي كان قد اعتُقل في لبنان عام 2015 بعد نقله من سوريا في ظروفٍ غامضة، ومنذ ذلك الوقت ظلّ محتجزًا، ما أثار اعتراض منظمات حقوقيّة عدّة، بينها منظمة هيومن رايتس ووتش، التي طالبت بالإفراج الفوري عنه معتبرةً استمرار احتجازه «اعتقالًا تعسّفيًّا» يخالف المعايير الدوليّة. للاطلاع على البيان الكامل يمكن زيارة موقع هيومن رايتس ووتش.
قضية الإمام موسى الصدر تظلّ العنوان الأبرز
وكانت السلطات اللبنانيّة قد وجّهت إلى هنيبعل تهمة «كتم معلوماتٍ تتعلق باختفاء الإمام»، رغم أنّه لم يكن يتجاوز الثالثة من عمره حينها، وهو ما وصفه المراقبون بأنّه «مبالغة قانونيّة» تهدف إلى إبقاء الملف مفتوحًا لأسبابٍ سياسيّة أكثر منها قضائيّة.
هنيبعل القذافي.. ردود فعل متباينة داخل لبنان وليبيا
قرار الإفراج المشروط عن نجل القذّافي أثار ردود فعل متباينة بين مؤيّدٍ يرى فيه خطوة نحو العدالة، ومعارضٍ يعتبره تنازلًا سياسيًّا عن أحد الملفات الحسّاسة في تاريخ لبنان الحديث. وفي المقابل، عبّرت السلطات الليبيّة عن ارتياحها المبدئي للقرار، مؤكّدةً استعدادها للتعاون الكامل مع القضاء اللبناني من أجل الوصول إلى حلٍّ عادلٍ يُنهي هذا الملف الشائك.
هنيبعل القذافي.. كفالة ماليّة غير مسبوقة تثير التساؤلات
بلغت قيمة الكفالة 11 مليون دولار، وهو رقم اعتبره العديد من المراقبين غير مسبوقٍ في تاريخ القضاء اللبناني، حيث رأى البعض أنّه «تسوية سياسيّة مقنّعة» تهدف إلى إنهاء القضية بأقلّ الأضرار، فيما وصف آخرون القرار بأنّه محاولة لرفع الحرج عن لبنان أمام الضغوط الدوليّة المتزايدة. ويؤكد قانونيون أنّ منع السفر المفروض على القذّافي يشير إلى أنّ الإفراج سيكون مشروطًا بمتابعة التحقيقات مستقبلًا.
أسباب تجعل القضية محطّ اهتمامٍ دوليّ
- لأنها استمرّت ما يقارب عشر سنوات دون محاكمةٍ عادلة.
- ولأنها ترتبط باختفاء شخصية دينيّة بارزة هي الإمام موسى الصدر.
- ولأنها قد تُعيد رسم العلاقات الدبلوماسيّة بين لبنان وليبيا.
يبدو أنّ قرار إخلاءِ سبيل هنيبعل القذّافي لن يُغلق الملف نهائيًّا، بل سيفتح مرحلةً جديدة من الجدل بين العدالة والسياسة. فبينما يرى البعض في الإفراج خطوة نحو تصحيح خطأٍ قضائيٍّ استمرّ لسنوات، يعتبر آخرون أنّ القضية ما زالت بعيدة عن نهايتها، خصوصًا في ظلّ غياب الحقيقة الكاملة حول مصير الإمام موسى الصدر. وبين هذا وذاك، يبقى السؤال الأهمّ مطروحًا: هل تكون هذه الخطوة بداية لإنهاء أحد أكثر الملفات حساسيّةً في تاريخ لبنان الحديث؟
اقرأ أيضًا.. محمد أنور السادات.. أسطورة الحرب والسلام




