
في كل عام، وتحديدًا في آخر سبت من شهر يوليو، تحتفي المملكة العربية السعودية بمبادرة إنسانية فريدة من نوعها تُعرف باسم السبت البنفسجي، وهي مناسبة وطنية انطلقت لأول مرة عام 2021 برعاية هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، بهدف تسليط الضوء على احتياجات وتمكين ذوي الإعاقة من خلال شراكات مع القطاعات التجارية والخدمية، حيث تقدم المتاجر والمنصات خصومات خاصة، إلى جانب تحسين خدماتها لتصبح أكثر شمولًا وتهيئة لهذه الفئة.
السبت البنفسجي
المبادرة لم تكن مجرد فكرة عابرة، بل جاءت نتيجة شعور عميق بأهمية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة اليومية والاقتصادية والاجتماعية، فجعلت من اللون البنفسجي شعارًا يعبر عن الدعم والتضامن، ورسالة مفادها أن كل فرد في هذا المجتمع له مكانه وحقوقه وفرصه التي يجب ألا تُهمش، وقد شهدت النسخ المتتالية من المبادرة إقبالًا متزايدًا من الشركات والمراكز التجارية، بالإضافة إلى مشاركة فاعلة من الجهات الحكومية.
ما يميز السبت البنفسجي في نسخته الخامسة لعام 2025، هو التوسّع الكبير في عدد المشاركات على مستوى المملكة، حيث انضمت أكثر من 500 جهة من قطاعات متنوعة، من بينها شركات طبية، ومراكز تجارية، ومطاعم، ومتاجر إلكترونية، وعيادات تجميل، وجميعها قدمت عروضًا وتسهيلات مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، كما تم تكريم أفضل المبادرات المجتمعية من حيث التأثير والابتكار، وهو ما يعكس الروح التنافسية الإيجابية بين المؤسسات لتعزيز مفهوم الشمولية.
الاحتفالات لم تقتصر على العروض التجارية فحسب، بل امتدت إلى إقامة فعاليات مجتمعية في عدد من المناطق، مثل جازان والمدينة المنورة والدمام، حيث تم تنظيم ورش توعوية، وأمسيات فنية، ومعارض فكرية وثقافية تهدف إلى كسر الحواجز النفسية وإعادة تعريف العلاقة بين المجتمع وفئة ذوي الإعاقة، وقد لاقت هذه الفعاليات تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم #السبت_البنفسجي، حيث عبّر العديد من المواطنين والمقيمين عن فخرهم بهذه الخطوة الإنسانية.
من جهة أخرى، شددت هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة على ضرورة أن تكون العروض المُقدمة في السبت البنفسجي ذات جودة عالية وغير مشروطة، مؤكدة أن الغاية لا تكمن في الخصم بحد ذاته، بل في الالتزام برفع جودة الخدمات المقدمة، وتوفير بيئة متاحة وسهلة الوصول، سواء من حيث المرافق أو آليات الدفع أو المواقع الإلكترونية، مع إمكانية التحقق من الهوية من خلال بطاقة التسهيلات أو تطبيق توكلنا.
ومن الجدير بالذكر أن المنصة الرسمية للمبادرة (apd.gov.sa) فتحت باب التسجيل أمام الجهات الراغبة في المشاركة بداية من يوليو، لتبدأ الحملة الترويجية بشكل واسع منذ 22 يوليو وحتى نهاية الشهر، وقد تم اعتماد كود الخصم الموحد APD2025 للمتاجر الإلكترونية، مما سهّل عملية التتبع والتقييم لاحقًا.
السبت البنفسجي هو أكثر من مجرد حملة سنوية، بل هو حراك اجتماعي يسعى لتكريس ثقافة الدمج وتمكين أصحاب الهمم، حيث أصبح فرصة حقيقية لتعزيز التوعية، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تيسير خدماته لذوي الإعاقة، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع شامل ومستدام. فكل خصم، وكل عرض، وكل باب يُفتح هو في حقيقته خطوة نحو العدالة الاجتماعية والمساواة.
ومع كل عام، يزداد الأمل بأن تتحول هذه المبادرة من حدث موسمي إلى ممارسة دائمة، وأن تتسع رقعتها لتشمل جميع القطاعات والمجالات، من التعليم إلى التوظيف، ومن الرعاية الصحية إلى السياحة والترفيه، لنعيش في وطن لا يُقصي أحدًا، بل يفتح ذراعيه لكل من ينتمي إليه، مهما اختلفت قدراته.
اقرأ أيضًا.. عروض يوم التأسيس السعودي 2025.. تخفيضات هائلة في مختلف القطاعات