محمد أحمد كيلاني
في مصر القديمة وخلال فترة حُكم “أمنحتب الرابع” أُجبِر الفنانين في ذلك الوقت على تمثيل الملك بشكل أكبر وأكثر فخامة، حتى يُصبح مثل الإله، فقد استمر “الحكم الثيوقراطي” لآلاف السنين في مصر القديمة وعلى مر العصور الفرعونية، وقبل أن يتم استبدال الترتيب الإجتماعي الهرمي الذي سيطر على الإمبراطورية بأخر أكثر هشاشة، حتى تدهورها، وكان أمنحتب الرابع هو من أراد إجراء هذا التغيير الجذري فهو الفرعون الذي دعا إلى توحيد الآلهة، ولكنه مات قبل أن يحدث ذلك التغيير الكبير.
إله نصّب نفسه
كانت الشمس هي الإله الوحيد الذي يمكن أن يُعبد في عهده، كإشارة لقوة الإمبراطورية، وقلة من الإمبراطورات المصريات اشتهرن مثل نفرتيتي، قد حصلوا على مساحة في سجلات التاريخ لتزوجها من أمنحتب الرابع حتى تتمكن معه من القيام بثورة داخل النخبة في السلطة بالإمبراطورية المصرية.
وقبل 3500 عام، كانت إمبراطوريتهم هي الإمبراطورية الأكثر روعة وثراءً وغزارةً من الناحية الثقافية والعلمية القديمة، ولبلورة هذه القوة الإقتصادية والعسكرية والعلمية، حاول أمنحتب الرابع إحداث ثورة في الفن والدين وهياكل السلطة التي كانت قائمة منذ قرون.
وبدأ كل شيء بتغيير الهوية، وبدلاً من الاستمرار في تقليد الفراعنة الذين حملوا نفس الاسم، أطلق على نفسه اسم أخناتون، أي الوحيد أو الأول، وعلى الرغم من التقاليد الدينية المتجذرة بعمق في إمبراطوريته، فقد احتقر هذا الملك الآلهة الأخرى لتفضيله شخصية رع، إله الشمس.
الفرعون الذي دعا إلى توحيد الآلهة
وخلال فترة ولايته، تم تأسيس عبادة رع باعتبارها العبادة الرسمية للبلاد، وعلاوة على ذلك، ولتوطيد سلطته، أعلن نفسه إلهاً في الحياة، وأجبر رعاياه على التخلي عن عبادة الآلهة الأخرى، وإقامة دين توحيد على شرفه.
ولبلورة قوته في الخيال الجماعي، أطلق إخناتون ثورة تحطيم الأيقونات، فبالإضافة إلى إنهاء الآلهة التي تم تبجيلها لسنوات، قرر أنه سيكون من المناسب منح نفسه وعائلته مكانًا متساويًا لهذه الشخصيات المقدسة، لأنه كان ممثل الشمس على الأرض.
فهو من أجبر الفنانين في ذلك الوقت على رسمه بشكل أكبر وأكثر فخامة من القادة السياسيين الآخرين، وفي بعض التمثيلات، والرسومات، يُظهر نفسه على أنه الشمس.
استياء واسع النطاق
وبسبب الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبها أمنحتب الرابع وعائلته في غضون سنوات قليلة من السيطرة على السلطة، تآمر سياسيون آخرون نافذون في ذلك الوقت للاستيلاء على العرش منه، وعلى الرغم من أنه كان في السلطة لفترة قصيرة (فقط من 1353 إلى 1336 قبل الميلاد) إلا أن سياساته الإصلاحية أدت إلى تكسير النسيج الإجتماعي المصري.
ولم تكن رؤية فرعون الشمولية متوافقة مع المشروع الإمبراطوري الذي كان جاريًا منذ آلاف السنين، والذي أثبت أنه قوي في حد ذاته، وقد أزعجت محاولة التوحيد رعاياه لدرجة أنهم اعتبروه زنديقًا وخائنًا، وأتت نهاية الفرعون الذي دعى إلى توحيد الآلهة في مصر.
أقرأ أيضاً.. آلهة مصر القديمة.. المعتقدات الرئيسية في التاريخ الفرعوني