أخبار مستبشر

محمد الفايز وزير الخدمة المدنية.. وفاة رمز من رموز الإدارة السعودية

غيب الموت صباح يوم الأربعاء الموافق 16 أبريل 2025، محمد الفايز وزير الخدمة المدنية السعودي الأسبق، عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات في خدمة المملكة، ويعد الفايز أحد أبرز الشخصيات الإدارية في تاريخ السعودية، حيث ترك بصمة واضحة في تطوير منظومة العمل والخدمة المدنية، وكان أول من تولى حقيبة وزارة الخدمة المدنية بعد تحويل الديوان إلى وزارة عام 1420هـ (1999م) .

محمد الفايز وزير الخدمة المدنية.. من حائل إلى العالمية

ولد محمد بن علي بن محمد الفايز عام 1937م في مدينة حائل، وهي المدينة التاريخية العريقة شمال المملكة، وقد نشأ في بيئة محفزة على العلم والعمل، حيث تلقى تعليمه الأساسي في المدينة المنورة، التي كانت ولا تزال منارة للعلم والمعرفة .

ثم سافر الفايز لاستكمال تعليمه الجامعي، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من «جامعة القاهرة» عام 1960م، ثم واصل مسيرته العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية، فنال درجة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1964م ، وهذه المؤهلات العلمية المتقدمة وضعت الأساس لمسيرة مهنية استثنائية في خدمة الدولة والمجتمع.

المسيرة المهنية.. من موظف إلى وزير

بدأ محمد الفايز حياته العملية موظفًا في هيئة الخبراء، ثم تدرج في المناصب الحكومية بجدارة وكفاءة، وشغل عدة مناصب قيادية بارزة، منها:

  • مستشار قانوني في الأمانة العامة لمجلس الوزراء من عام 1380هـ إلى 1389هـ
  • مدير عام للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عام 1390هـ
  • وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من عام 1391هـ إلى 1400هـ

وفي عام 1403هـ (1983م)، عُين الفايز وزيرًا للعمل والشؤون الاجتماعية، حيث قاد العديد من المبادرات والإصلاحات في قطاع العمل السعودي، واستمر في هذا المنصب حتى عام 1416هـ (1996م) .

محمد الفايز وزير الخدمة المدنية.. أول وزير للخدمة المدنية

يشكل تعيين محمد الفايز كأول وزير للخدمة المدنية في المملكة نقطة تحول في تاريخ الإدارة الحكومية السعودية، ففي عام 1420هـ (1999م)، تم تحويل ديوان الخدمة المدنية إلى وزارة، وعُين الفايز على رأسها .

وقاد الفايز وزارة الخدمة المدنية ببراعة وحكمة لمدة 12 عامًا، حيث استمر في منصبه حتى 19 محرم 1433هـ (ديسمبر 2011م)، عندما قدم طلبًا بالإعفاء من منصبه بناءً على رغبته الشخصية . خلال هذه الفترة، كان له دور محوري في تطوير أنظمة الخدمة المدنية وتحديث اللوائح الإدارية، وتحسين بيئة العمل في القطاع الحكومي، وترسيخ مبادئ الحوكمة والشفافية، وأيضًا تعزيز مبدأ الكفاءة في التعيينات والترقيات

الإسهامات والإنجازات.. بصمة في تاريخ الإدارة السعودية

ترك محمد الفايز إرثًا إداريًا وقانونيًا كبيرًا، حيث ساهم بشكل أساسي في تطوير نظام الخدمة المدنية، وقد كان له دور رئيسي في صياغة الرؤية الإدارية التي مهدت الطريق للتحديث المؤسسي في المملكة، وإصلاح نظام التأمينات الاجتماعية، فخلال فترة عمله كمحافظ للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ووكيلاً لوزارة العمل، قاد جهودًا كبيرة لتطوير النظام التأميني.

وساهم في وضع السياسات واللوائح المنظمة لسوق العمل السعودي، وسعى إلى ترسيخ مبادئ الجدارة والكفاءة في التعيينات والترقيات الوظيفية .

اكان عضوًا في عدة مجالس ولجان حيوية مثل:

  • مجلس الخدمة المدنية
  • مجلس القوى العاملة
  • اللجنة العليا لسياسات التعليم

التكريمات والجوائز

نال الفقيد العديد من التكريمات تقديرًا لجهوده الكبيرة في خدمة الوطن، أبرزها:

  • وشاح الملك عبدالعزيز من الطبقة الثانية: وهو من أرفع الأوسمة في المملكة، تقديرًا لإسهاماته في تطوير قطاعات العمل والخدمة المدنية .
  • التقدير الملكي: عمل الفايز مع أربعة من ملوك السعودية وهم: الملك فيصل، الملك خالد، الملك فهد، والملك عبدالله بن عبدالعزيز، مما يعكس مكانته وثقة القيادة به .

الحياة الشخصية والإنسانية

وراء الإنجازات المهنية الكبيرة، كان محمد الفايز إنسانًا متواضعًا، وقد عُرف بحكمته واتزانه، وبعد تقاعده، أصبح مرجع في شؤون الإدارة الحكومية، حيث كان يستشار في العديد من القضايا الإدارية المهمة .

محمد الفايز وزير الخدمة المدنية.. وداع رمز إداري

أقيمت صلاة الجنازة على الفقيد عصر يوم الأربعاء 16 أبريل 2025 في جامع الراجحي بحي الجزيرة في مدينة الرياض . وشهدت الجنازة حضورًا كبيرًا من المسؤولين والمواطنين الذين توافدوا لتوديع رجل سطر بإنجازاته صفحات مشرقة في تاريخ الإدارة السعودية.

إرث لا يموت

ترك الراحل دروسًا عظيمة في الإدارة والقيادة، من أبرزها:

  1. قيمة العلم والتعلم: حيث لم يتوقف عن تطوير نفسه علمياً وعملياً.
  2. الإخلاص في العمل: عُرف بإخلاصه لوطنه وتمسكه بمبادئ العمل العام.
  3. الرؤية الاستراتيجية: كانت قراراته تنطلق من رؤية بعيدة المدى لمصلحة الوطن والمواطن.
  4. التواضع مع الإنجاز: على الرغم من مناصبه الرفيعة، ظل محافظاً على تواضعه واهتمامه بالآخرين.

رحيل الجسد وبقاء الأثر

برحيل محمد العلي الفايز، تفقد المملكة العربية السعودية أحد أبرز رجالاتها الذين ساهموا في بناء الدولة الحديثة وتطوير أجهزتها الإدارية، ولكن إرثه الإداري وإنجازاته ستظل خالدة، تذكرها الأجيال الحالية والقادمة، وتستلهم منها الدروس والعبر في الإخلاص للوطن والعطاء بلا حدود.

“إنا لله وإنا إليه راجعون”.. تغمد الله الفقيد بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.

اقرأ أيضًا.. وفاة الطالبة وتين الهذيلي يُشعل الحزن في المجتمع وتثير تساؤلات.. من هي وما قصتها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *