
أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مؤخرًا عن سلسلة من التحديثات الجوهرية التي تهدف إلى إعادة تشكيل سوق العمل السعودي وتحديدًا فيما يخص تصنيف رخص العمل، إذ تم تقسيم العمالة الوافدة إلى ثلاث فئات مهارية تشمل: فئة عالي المهارة، والفئة الماهرة، والفئة الأساسية، يأتي هذا القرار في إطار سعي الوزارة لتطوير الأداء المهني، وتحقيق توازن بين الكفاءة وجودة الخدمات، وتطبيقًا عمليًا لأهداف رؤية المملكة 2030 في خلق بيئة عمل تنافسية ومستدامة.
وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية
بدأ تطبيق هذا التصنيف الجديد تدريجيًا، حيث شمل في مرحلته الأولى العمالة الوافدة الموجودة على رأس العمل ابتداءً من 18 يونيو 2025، بينما يبدأ التطبيق على العمالة الجديدة القادمة إلى المملكة اعتبارًا من 1 يوليو 2025، ويُعد هذا التصنيف نقلة نوعية في فهم المهارات داخل السوق السعودي، وتحديد الأجور والامتيازات وفقًا لمستوى الخبرة والمؤهل.
في سياق متصل، أظهرت تقارير رسمية انخفاض معدل البطالة بين غير السعوديين إلى 0.8% فقط خلال الربع الأول من عام 2025، ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا على أن تصنيفات المهارة بدأت تؤتي ثمارها، حيث أصبح توظيف الكفاءات أكثر تنظيمًا وتوازنًا، مما انعكس على السوق بإيجابية من حيث كفاءة التشغيل، وتقليص الهدر في الموارد.
من جهة أخرى، أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مبادرة إصلاحية استثنائية تتعلق بالعمالة المنزلية، حيث تم منح فترة سماح لمدة ستة أشهر للعمالة المتغيبة عن العمل أو التي لم تُجدد إقامتها، وذلك ابتداءً من 11 مايو 2025، بهدف تصحيح أوضاعهم القانونية دون فرض غرامات أو ترحيل، وتأتي هذه الخطوة الإنسانية تعزيزًا لمبادئ العدالة الاجتماعية التي تتبناها المملكة.
تحرص الوزارة على تعزيز استخدام الحلول الرقمية الحديثة لتسهيل الخدمات، حيث طورت مؤخرًا منصة “المستفيد” لتصبح أكثر تفاعلية وسرعة في معالجة الشكاوى والاستفسارات، كما تم توسيع استخدام منصة “قوى” لإدارة العلاقة بين الموظف وصاحب العمل، وتوفير قواعد بيانات ذكية تسهم في سرعة التوظيف ودقة التقييم.
لم تهمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قضايا المرأة العاملة، فقد أطلقت مبادرة لدعم مراكز رعاية الأطفال للموظفات السعوديات بأسعار مناسبة، إضافة إلى تطوير نظام حماية الأجور لزيادة الشفافية في صرف الرواتب، وضمان بيئة عمل مستقرة وآمنة، الأمر الذي ساهم في رفع نسبة مشاركة النساء في سوق العمل بشكل ملموس خلال الأشهر الماضية.
وفي إطار اهتمامها بالتنمية المستدامة، احتفلت الوزارة باليوم الدولي للتعاونيات بإطلاق مبادرات جديدة لتفعيل القطاع التعاوني في المملكة، حيث يُنظر إليه كأحد الأدوات التنموية الواعدة، وقد دعت جميع الجهات للاستفادة من الإمكانات التعاونية لتحقيق أثر اجتماعي واقتصادي ممتد.
جدير بالذكر أن الوزارة تسعى حاليًا إلى بناء مستقبل مهني ذكي يعتمد على تحليل المهارات وتوقع احتياجات سوق العمل من خلال ورش بحث واستشراف شارك فيها خبراء من دول مجلس التعاون الخليجي، وقد تم التركيز في هذه الورش على ضرورة التوازن بين المهارات الأكاديمية والعملية، بما يضمن استمرارية الإنتاجية وجودة الأداء.
في ظل هذه الحزمة من الإجراءات، تبدو وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أكثر حضورًا وتأثيرًا في المشهد السعودي، حيث أثبتت خلال السنوات الأخيرة أنها قادرة على الجمع بين التنظيم الصارم والمرونة الذكية، وبين الحزم في التشريعات والرحمة في القرارات الاجتماعية، وهو ما يعزز ثقة المواطن والمقيم على حد سواء في الدور التنموي للوزارة.
مع استمرار جهودها، تُعد وزارة الموارد البشرية اليوم مركزًا محوريًا في تحقيق التحول الوطني، وداعمًا رئيسيًا للاستثمار في رأس المال البشري، ومحرّكًا أساسيًا لخلق مجتمع إنتاجي متماسك قائم على المهارة والعدالة والتكافؤ، ليبقى الإنسان في قلب التنمية كما أرادت رؤية المملكة الطموحة.
اقرأ أيضًا.. منفعة الأمومة التأمينات الاجتماعية.. حقوقك كاملة في فترة الولادة