محمد أحمد كيلاني
قبل أكثر من 300 مليون سنة، كان العالم مختلفًا تمامًا عما نراه اليوم، سرخس ضخم وأشجار شاهقة وبشكل عام شجيرات كثيفة تختبئ فيها جميع أنواع العناكب في غابات أمريكا الشمالية وأوروبا، وكان العصر الكربوني، الذي امتد من 359 إلى 299 مليون سنة تقريبًا، فترة تغيرات جيولوجية ومناخية وبيولوجية كبيرة على الأرض، وشملت الحيوانات التي ازدهرت في تلك الأيام حيوانات مألوفة مثل العناكب والعقارب، بالإضافة إلى الحيوانات الغريبة، وتوجد الآن في المناطق الأكثر دفئًا، مثل العناكب السوطية والعقارب السوطية، وشهدت هذه الفترة من تاريخ الأرض تطور السحالي الأولى وتسمى “عصر البرمائيات”، وقد تم اكتشاف شيء مثيرًا للإعجاب وهو العنكبوت المتحجر الذي يُغطى بأشواك وعاش قبل 308 مليون سنة.
العنكبوت المُتحجر
على وجه التحديد، كانت هذه اللافقاريات ممثلة جيدًا في الغابات الكربونية على الرغم من أنها لم تدم طويلاً، ونتحدث اليوم عن أحد هذه العناكب القديمة، وقد تم العثور على الحفرية العنكبوتية في الطين والحجر الحديدي، وهو نوع من التكوينات الصخرية المعروفة بأنها تحافظ أحيانًا على التفاصيل الدقيقة للأنواع القديمة.
وقام فريق من الباحثين من جامعة كانساس والمتحف الطبيعي في لندن ومتحف الطبيعة في برلين بتحليل هذه الحفرية التي عَثر عليها بوب ماسيك في الثمانينيات (والتي حصلت عليها فيما بعد مجموعة ديفيد وساندرا دوغلاس وعرضت في متحف ما قبل التاريخ الخاص بهم)، واكتُشف أن هذا العنكبوت المتحجر كان مختلفًا تمامًا عن جميع العناكب التي نعرفها اليوم.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة جيسون دنلوب من متحف الطبيعة في برلين: “كانت العناكب مجموعة نادرة إلى حد ما، ولم تُعرف في ذلك الوقت إلا من السلالات البدائية، وقد شاركت هذه النظم البيئية مع العديد من العناكب المنقرضة منذ فترة طويلة”.
أرجل ودروع شائكة
تطورت العناكب قبل الديناصورات بأكثر من 150 مليون سنة، وأقدم حفرية معروفة من هذا النوع هي “أتيركوبوس فيمبريونجس”(Attercopus fimbriungus) التي يبلغ عمرها 380 مليون سنة، ويبلغ عمر العينة الجديدة، المسماة “دوغلاس أراكني أكانثوبوديا” (Douglassarachne acanthopoda)، حوالي 308 مليون سنة، وقد تم وصف تفاصيلها في دراسة نشرت في مجلة علم الحفريات.
وأوضح “بول سيلدن”، المؤلف الرئيسي للبحث: “يأتي دوغلاس أراكي أكانثوبودا من منطقة مازون كريك الشهيرة في إلينوي ويبلغ عمره حوالي 308 مليون سنة”، “يبلغ طول جسم هذا العنكبوت المدمج حوالي 1.5 سم، ويتميز بأرجله القوية والشائكة، مما يجعله مختلفًا تمامًا عن أي عنكبوت آخر معروف، سواء كان حيًا أو منقرضًا”.
وأوضح دنلوب: أنه أصبح من الواضح أنها تمثل نوعًا غير موصوف”، “لذلك، يشير مصطلح الأكانثوبودا إلى الأرجل الشوكية الفريدة والمميزة للحيوان.”
العنكبوت المتحجر.. إلى أي مجموعة ينتمي؟
لم يكن من السهل تصنيف هذا العنكبوت، فبالرغم من أنه يتمتع بخصائص العناكب الحديثة، إلا أنه يمتلك أيضًا العديد من الخصائص الأخرى التي تتحدى هذا التصنيف، بأرجله الشوكية ودرعه الواقي من الرصاص، لم يتناسب مع أي من رتبتنا المعروفة من العناكب.
وعلق المؤلفون: “إن أرجل الحفرية الشائكة للغاية تذكرنا ببعض الباحثين عن الطعام المعاصرين، لكن بنية جسمها تختلف تمامًا عن بنية جسم الحصاد أو أي مجموعة أخرى معروفة من العناكب”، وقال سيلدن: “لسوء الحظ، لا يمكنك رؤية تفاصيل مثل أجزاء الفم، مما يجعل من الصعب تحديد أي مجموعة من العناكب هي أقرب أقربائها بالضبط”.
وفي الوضع الحالي، يمكن أن تنتمي الحفرية إلى مجموعة أوسع، وتشمل العناكب والعناكب السوطية والعقارب السوطية.
ومع ذلك، فقد أكدوا أن هذه العناكب ذات العمود الفقري والمدرعة يبدو أنها تأتي من وقت كانت فيه العناكب تقوم بتجربة مجموعة متنوعة من أشكال الجسم المختلفة.
العنكبوت المتحجر بول سيلدن
الباحثون ليسوا متأكدين مما إذا كانت هذه العينات قد انقرضت خلال ما يسمى بـ”انهيار غابات الفحم”، عندما بدأت غابات الفحم في التفتت والانقراض، أو ربما استمرت حتى نهاية الانقراض الجماعي في العصر البرمي.
وعلى الرغم من أن حجمها ليس ملفتًا للنظر، إلا أنها تقدم نظرة جديدة للحيوانات الغريبة التي كانت موجودة في ذلك الوقت من التاريخ.
وتُعد مثالًا مثيرًا للإعجاب بشكل خاص لأحد هذه الأشكال المنقرضة، وتذكرنا أرجل الحفرية الشائكة ببعض الحصادات الحديثة، لكن هيكل جسمها يختلف تمامًا عن هيكل الحصادة أو أي مجموعة أخرى معروفة من العناكب”.
أقرأ أيضاً.. حيوانات مخيفة غير ضارة بالإنسان.. تعرف عليها بالصور
