عبد الرحمن جمال
كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم أجمع ويستمتع بها الجميع، لكن القليل فقط من يعاني من جانبها المظلم، وقد يخطر في ذهنك عند ذكرنا ذلك هو الإصابات العضلية، ولكن فيما يلي سنستعرض جانب أخر من الإصابات، وهي الإصابات الدماغية مثل الخرف والزهايمر.
في عام 2002 توفي اللاعب الإنجليزي “جيف اسل” -مهاجم و هداف نادي ويست بروميتش البيون في الستينيات والسبعينيات والحاصل علي كأس العالم مع انجلترا عام 1966- وجاء تقرير الطب الشرعي إن سبب الوفاه هو الضربات الرأسية المتكررة التي كان يقوم بها اللاعب طوال مسيرته الكروية مما أدى إلى إصابته بالخرف، ومنذ وفاته بذلت أبنته “دون اسل” مجهودًا كبيرًا في شرح كيفية تأثير الخرف على حياة والدها في آخر سنوات حياته، حيث أخبرت الصحافة أن والدها لم يكن يتذكر أي شيء من مسيرته الكروية ولا أهدافه التي تعدت 200 هدف وإنتهى به المطاف وهو لا يتذكر حتى ابنته.
ماهو الخرف ؟
الخرف مصطلح للعديد من الأمراض التي تؤثر في الذاكرة والتفكير والقدرة على أداء الأنشطة اليومية ويزداد المرض سوءًا بمرور الوقت، ويؤثر بشكل رئيسي في كبار السن ولكن هذا لا يعني أن جميع الأشخاص سيصابون به مع تقدمهم في العمر.
وتتضمن العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالخرف ما يلي:
- العمر (أكثر شيوعًا وسط من يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكبر)
- ارتفاع ضغط الدم (فرط ضغط الدم)
- ارتفاع نسبة السكر في الدم (داء السكري)
- زيادة الوزن أو السمنة
- التدخين
- ضربات الرأس المتتالية
العلامات والأعراض
تحدث التغيرات في المزاج والسلوك أحيانًا حتى قبل حدوث مشكلات في الذاكرة وتزداد الأعراض سوءًا بمرور الوقت وفي النهاية، سيحتاج معظم الأشخاص المصابين بالخرف إلى أخرين لمساعدتهم في تأدية أنشطتهم اليومية وتشمل العلامات والأعراض المبكرة :
- نسيان الأشياء أو الأحداث الأخيرة
- التوهان عند المشي أو القيادة
- الخَلْط، حتى في الأماكن المألوفة
- عدم القدرة على تمييز الوقت
- مواجهة صعوبات في حل المشكلات أو اتخاذ القرارات
- مواجهة مشكلات في تتبع الحوار أو صعوبة في العثور على الكلمات
- مواجهة صعوبات في أداء المهام الاعتيادية
قد يتبادر إلي ذهنك الآن عندما يقال إن الرأسيات تسبب الخرف للاعبي كرة القدم السابقين إن السبب الرئيسي هو تصادم الرؤوس ببعضها البعض مما يؤدي إلى إصابات خطيرة، لكن في الواقع إن ضرب الكرة بالرأس هو من يتسبب في ذلك لإن الإرتطامات الصغيرة القليلة المتكررة علي مدار السنين أكثر تأثيًرا من الإرتطامات الكبيرة النادرة، لذلك أعلن الإتحاد الاسكتلندي لكرة القدم مع إنطلاقة كأس العالم 2022 إن لاعبي كرة القدم المحترفين سيمنعون من ضرب الكرة بالرأس في اليوم الذي يسبق المباراة واليوم الذي يليها، وأتت هذه الخطوة بعد سنتين من قرار نفس الإتحاد أن الأطفال تحت سن 12 سيمنعون من ضرب الكرة بالرأس تمامًا في تدريبات الناشئين.
إصابات كرة القدم.. كيف أثرت ضربات الرأس بكرة القدم على المخ
في دراسة صدرت عام 2019 من جامعة “جلاسكو” بتمويل من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم وقارنت بين أسباب وفاه 8000 لاعب سابق في إنجلترا ممن تخطى عمر 43 عام، وأسباب وفاه 23000 شخص عادي من عامة الناس وكانت النتائج كالآتي:
- إحتمالات وفاة لاعبي الكرة السابقين بأمراض المخ تفوق غيرهم بثلاث مرات ونصف
- إحتمالات وفاة لاعبي الكرة السابقين بمرض الزهايمر تفوق غيرهم بخمس مرات
- إحتمالات وفاة لاعبي الكرة السابقين بمرض عصبي حركي تفوق غيرهم بأربع مرات
-دراسة اخري نشرت نتائجها في موقع the scientific )(American عام 2016 بعد أن أختبرت ذاكرة 20 لاعب كرة قدم قبل وبعد التمرين علي الرأسيات وقد كانت النتائج على النحو التالي:
- تراجع أداء الذاكرة بعد التمرين علي الرأسيات بنسبة 41% الي 67%
- بعد يومين تعود الأمور الي طبيعتها
إجراءات الإتحاد الأنجليزي لكرة القدم
أكتفي الإتحاد الإنجليزي بوضع إرشادات قبل بداية موسم 2021/ 2022 بتقليل عدد ضربات الرأس القوية لعشر ضربات لكل لاعب في الأسبوع فقط، ولكن يتم تجاهل تلك الإرشادات في إنجلترا من قبل المدربين واللاعب.
تغير كيمياء المخ بعد ضرب الرأس بالكرة
ويشير باحثون إلى أن أختبار الدم الذي يكشف عن بروتين معين في عينات الدم من كبار السن العاديين، قد يعكس مستويات بروتين بيتا أميلويد في الدماغ وهي السمة المميزة للمرض، وبدعم جزئي من معاهد الصحة الوطنية، فإن النتائج قد تؤدي في نهاية المطاف إلى أختبار الدم الذي يساعد في توقع خطر الإصابة بمرض الزهايمر.
لقد أصبحت العلاقة بين ضربات الرأس المتكررة في كرة القدم والإصابة بالخرف موضوعًا مثيرًا للقلق في الأوساط الرياضية والطبية، فبينما يواصل اللاعبون تقديم أفضل ما لديهم على الملاعب، تتزايد الدعوات لإعادة النظر في قواعد اللعبة لضمان سلامة اللاعبين وحمايتهم من مخاطر محتملة على المدى الطويل.
أقرأ أيضاً.. “كيف اختارت أشهر الأندية الأوروبية أسماءها وشعاراتها.. قصة وراء كل اسم وشعار”؟