أخبار مستبشر

اللواء الطبيب عبدالحميد الفرائضي.. قامة وطنية جمعت بين الطب والعسكرية

في لحظةٍ تفيض بالحزن والامتنان، ودّعت المملكة العربية السعودية أحد أبرز رجالاتها في ميدان الطب العسكري، اللواء الطبيب عبدالحميد بن محمد الفرائضي، الذي رحل عن عالمنا يوم الثلاثاء الموافق 22 أكتوبر 2025، بعد مسيرةٍ حافلة بالعطاء والإنجازات، جعلت اسمه محفورًا في ذاكرة كل من عرفه، أو تتلمذ على يده، أو عمل تحت قيادته في ميادين الخدمة الطبية العسكرية.

رحلة عطاء امتدت لعقود

لم يكن اللواء الطبيب عبدالحميد الفرائضي مجرد طبيبٍ عسكريٍ بارز، بل كان نموذجًا للقائد الذي جمع بين الانضباط العسكري والرؤية الإنسانية، وبين العلم والتطبيق. فقد شغل مناصب قيادية مهمة في الخدمات الطبية للقوات المسلحة السعودية، وكان أحد رموزها البارزين في مراحل التطوير والتحديث التي شهدتها خلال العقود الماضية.

ومن أبرز محطاته المهنية، توليه مهام مدير الخدمات الطبية ورئيس تحرير المجلة الطبية السعودية في أواخر التسعينيات، وهو المنصب الذي مكّنه من المساهمة في دعم البحث العلمي، وتشجيع الكفاءات الطبية السعودية الشابة على نشر أبحاثهم والمشاركة في المؤتمرات العلمية داخل المملكة وخارجها، مما أسهم في تعزيز سمعة السعودية في المجال الطبي العسكري.

مسيرة علمية ومهنية مشرفة

تميّز اللواء الطبيب عبدالحميد الفرائضي بقدرة استثنائية على الجمع بين الإدارة والبحث والتعليم، فقد كان يؤمن أن الطب رسالة قبل أن يكون مهنة، وأن التطوير لا يتحقق إلا بالعلم والانفتاح على المعرفة.
ترك بصمة واضحة في بناء منظومة طبية متكاملة داخل المؤسسة العسكرية، قائمة على الانضباط والجودة والتعاون، وساهم في تدريب أجيال من الأطباء الذين يشغلون اليوم مناصب قيادية في القطاعين العسكري والمدني.

كما كان للواء الفرائضي حضور بارز في الهيئات الاستشارية والتحريرية للمجلات الطبية السعودية، حيث شارك في تطوير معايير النشر العلمي، وربط البحوث بالتطبيقات الواقعية في الميدان الصحي العسكري.

حزن واسع على رحيله

ما إن أُعلن خبر وفاته حتى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بكلمات الحزن والرثاء، وتداول السعوديون وسم #وفاة_اللواء_الطبيب_عبدالحميد_الفرائضي بكثيرٍ من التقدير والعرفان، حيث عبّر زملاؤه وطلابه عن حزنهم لفقدان شخصيةٍ كانت تجمع بين العلم والخلق، والانضباط والتواضع، والقوة والرحمة، وهي صفات قلّما تجتمع في شخصٍ واحد.

وأشارت أغلب التغريدات إلى أن اللواء الراحل كان قدوة في الإخلاص المهني، ومثالًا للمسؤول الذي لا يرضى إلا بأعلى مستويات الأداء والخدمة، سواء في المستشفيات العسكرية أو في مؤسسات التدريب الطبي.

إرث خالد ورسالة للأجيال

ترك اللواء الطبيب عبدالحميد الفرائضي إرثًا مهنيًا وأخلاقيًا غنيًا، سيبقى مصدر إلهامٍ للأطباء الشباب، خاصةً أولئك الذين اختاروا طريق الطب العسكري، حيث تُعد مسيرته تجسيدًا حقيقيًا لمعاني الولاء والانتماء والعطاء.
لقد آمن بأن الطبيب ليس مجرد معالجٍ لجسد المريض، بل هو شريكٌ في بناء صحة الوطن، وسلامة الإنسان، وأمن المجتمع.

ويؤكد زملاؤه أن الراحل كان دائم الحرص على تطوير الخدمات الطبية للقوات المسلحة لتواكب المعايير العالمية، سواء من حيث التجهيزات أو التدريب أو البحث العلمي، وهو ما جعل اسمه يتردد في أروقة الطب العسكري كأحد أبرز مؤسسي نهضته الحديثة.

وداع يليق برجلٍ خدم وطنه

رحل اللواء الطبيب عبدالحميد الفرائضي بعد أن أدّى رسالته بكل إخلاصٍ وشرف، تاركًا خلفه سيرةً تُدرّس في ميادين القيادة الطبية والعسكرية، ودروسًا في التفاني والإيمان بقدسية الواجب.
وإذ يُودّعه زملاؤه وطلابه وعموم أبناء المملكة، فإن ذكراه ستبقى نبراسًا مضيئًا يذكّر الأجيال بأن خدمة الوطن لا تتوقف عند حدود العمر، بل تبقى ممتدةً ما دام الأثر باقيًا في النفوس.

رحم الله اللواء الطبيب عبدالحميد بن محمد الفرائضي، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن وطنه وأهله خير الجزاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

اقرأ أيضًا.. بوابة القبول الجامعة السعودية الإلكترونية.. «التسجيل من هنا»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *