
في قلب غابات الأمازون العميقة، وبين الأشجار التي لم تمسها يد إنسان، وقع اكتشاف نادر ومثير، حين عُثر على سبع جرار جنائزية ضخمة، تعود لحضارة غامضة سبقت وصول كولومبوس إلى أمريكا الجنوبية، لتعيد كتابة جزء من التاريخ المنسي وسط الطبيعة البكر.
الأمازون.. الحدث بدأ بسقوط شجرة
كل شيء بدأ بطريقة غير متوقعة، عندما سقطت شجرة ضخمة واقتلعت من جذورها على ضفاف بحيرة دو كوشيلا، فأظهرت قطعًا فخارية غريبة الشكل، لاحظها أحد الصيادين المحليين، والذي بادر بإبلاغ العلماء، لتتحول اللحظة العادية إلى اكتشاف أثري استثنائي، شارك فيه فريق من معهد ماميراوا، بمساعدة سكان المنطقة
جرار بأحجام غير مسبوقة
بين الجرار السبع، كانت اثنتان منها لافتتين للنظر بسبب حجمهما الكبير، إذ بلغ قطر إحداهما 89 سنتيمترًا، وكأنها صُممت لتحتوي على أكثر من مجرد رفات بشر، بل تحوي رموزًا وطقوسًا دينية لم تُفهم بعد، فقد استُخدمت مواد دقيقة وتقنيات تقليدية في استخراجها، لضمان الحفاظ على محتواها الثمين.
الأمازون.. أسرار من العظام والأسماك والسلاحف
عند فتح الجرار، ظهرت بقايا عظام بشرية، لكن المفاجأة كانت في وجود بقايا أسماك وسلاحف أيضًا، ما يشير إلى طقوس جنائزية كانت تتضمن تقديم قرابين غذائية مع المتوفى، وهي عادة نادرة وغامضة تكشف جانبًا روحيًا عميقًا لدى تلك المجتمعات.
فخار بلون الطين الأخضر وأسلوب غير مألوف
لم تكن الجرار مميزة فقط في محتواها، بل أيضًا في صناعتها، إذ صُنعت من طين بلون أخضر غريب على المنطقة، وزُينت بخطوط حمراء بزخارف لم تُرصد من قبل في الفخار الأمازوني المعروف، وهو ما يرجح أننا أمام أسلوب فني غير موثق لحضارة محلية كانت تعيش وتُبدع في قلب الأمازون.
الأمازون.. استيطان دائم أم وجود عابر؟
ما كشفته هذه الجرار يُعد دليلًا قويًا على أن سكان الأمازون لم يكونوا متنقلين كما كان يُعتقد، بل عاشوا بشكل دائم على جزر صناعية، ومارسوا شعائر روحية معقدة، ما يعكس عمق الحياة الاجتماعية والدينية لهؤلاء السكان، ويغير النظرة السابقة لتاريخ الأمازون.
شراكة محلية في كشف التراث
الجميل في هذا الاكتشاف أنه لم يكن جهدًا أكاديميًا منفصلًا، بل كان تعاونًا حيًا مع سكان المنطقة الذين لعبوا دورًا رئيسيًا في التنقيب والتفسير، وهو ما يؤكد أن المجتمعات الأصلية هي الحاضن الحقيقي لذاكرة الأرض، والشريك الأهم في حمايتها.
سؤال أخير يثير الفضول
وسط هذا الكشف المثير، يبقى السؤال الأهم مطروحًا: كم من الكنوز والقصص لا تزال مدفونة تحت تراب الأمازون؟ وهل سيكون سقوط شجرة أخرى هو المفتاح لاكتشاف حضارة جديدة؟.
اقرأ أيضًا.. قبائل حوض الأمازون.. إرث عريق وصراع مع العصر الحديث